السبت، 23 يوليوز 2011

المدرسة المغربية ورهانات التنمية

المدرسة المغربية ورهانات التنمية
ذ الصادقي العماري الصديق *
التربية نت 22-07-2011
 
 جاء الميثاق الوطني للتربية و التكوين في المجال الأول, بنشر التعليم وربطه بالمحيط, بدعامة مهمة تتعلق بتعميم تعليم جيد في مدرسة متعددة الأساليب على جميع فئات المجتمع, الذين بلغوا سن التمدرس. ووضع السبل و الشروط الضرورية لتحقيق ذلك. غير أن المدرسة لا ينبغي أن تبقى منغلقة على نفسها بل يجب أن تفتح أبوابها للجميع من أجل المساهمة في إنجاح أهدافها التربوية المنشودة, وأن تستحضر محيط المتعلم بكل قيمه ومبادئه وتجاربه.فكيف يمكن أن نراهن على المدرسة في التنمية من خلال تكييفها مع محيطها وتنظيم الدعم الإجتماعي ؟.
لقد عرفت المدرسة المغربية مجموعة من المحطات التصحيحية من أجل تجاوز الممارسات التقليدية, المرتبطة بتلقين المعارف و أن المدرس مالك للمعرفة و المتعلم مجرد متلقي يعتمد على حفظ المادة التعليمية و إرجاعها متى دعت الضرورة لذلك , مما طرح ضرورة وجود توجه تربوي متجدد , يسير وتغيرات المجتمع في تفاعل منسجم معه لمسايرة التطورات و المستجدات.
ومن مبادئ تكييف المدرسة مع محيطها, توفر البرامج و المناهج الدراسية على قيم و أخلاق ومواقف المجتمع من حب و إخاء و تعاون وتسامح ...., دون إغفال عاداته و تقاليده المتأصلة باحترامها و تقديرها والاستفادة منها, لأنها إرث ثقافي غني بالممارسات النبيلة ,وتصحيح الخاطئ منها عبر أنشطة وممارسات تراعي خصوصيات المتعلمين وتشركهم  وتقنعهم  بالإقلاع عنها وبناء معرفة جديدة تتوافق مع إشباع حاجاتهم ورغباتهم بعيدا عن المتناقضات وسياسة الحشو السلبية. فموضوع التعليم المنبثق من الواقع المعاش للمتعلم  يحفزه على المشاركة والخلق والإبداع بتكثيف جهوده للتقصي و البحث فيه.مما يساعده مستقبلا على التغلب على كل المشاكل و الصعوبات التي يمكن أن تواجهه داخل المجتمع.
وانفتاح المدرسة على محيطها يستدعي إشراك كل الفاعلين التربويين في الفعل التربوي, من مدرسين و إدارة و موجهين و مشرفين تربويين عن طريق منحهم صلاحيات أوسع من أجل إبداء رأيهم و العمل به مما يسمح لهم بتسيير شؤون المؤسسة وفق الخصوصيات المحلية والمتطلبات الأساسية... , دون إغفال جمعيات أباء و أولياء التلاميذ على اعتبار أنها صلة وصل بين المدرسة والمجتمع ,واستقطاب كل الفاعلين الجمعويين من جمعيات المجتمع المدني و اقتصاديين من مقاولين و أرباب عمل, كذلك الجماعات المحلية وكل من له غيرة على المدرسة المغربية و حاملا لشعار التجديد و الإصلاح. والدخول في علاقات شراكة واضحة المعالم منتجة وفعالة عبر مشاريع منتجة تعود بالنفع على المدرسة وترفع من مستوى المتعلم وتأهيله,وتفعيل أدوار مجالس المؤسسة وخصوصا مجلس التدبير الذي يعتبر آلية من آليات التأطير و التدبير التربوي و الإداري لأنه النواة الحقيقية والمحرك الأساسي لديناميكية المدرسة وتطويرها ,وذلك من خلال و ضع برامج مشتركة واضحة الرؤيا تستهدف بالأساس الرفع من مستوى عطاء المتعلمين    ,تترجم عبر مشاريع قوية لمحاربة التكرار و الانقطاع عن الدراسة و تأهيل المؤسسات التعليمية بإصلاح حجراتها وبناء حجرات إضافية إن لزم الأمر, وربطها بالماء الصالح للشرب و الكهرباء  و توفير المراحض ,وجعلها خضراء بالتشجير و الأروقة الممتازة وتنظيم تكوينات متتالية و مستمرة للأطر التربوية ,من أجل إغناء تجربتهم المهنية و كذلك بالنسبة لأطر الإدارة و التوجيه و المشرفين التربويين.وتوفير الدعم البيداغوجي من خلال مساعدة الفئات المعوزة التي تجد صعوبة كبيرة في مواصلة التمدرس, وذلك بشراء اللوازم المدرسية على طول السنة وتوفير المطاعم المدرسية و الداخليات و السهر على توزيع الأطعمة بالتكافؤ والنقل المدرسي للذين يجدون صعوبة كبيرة في الوصول إلى المدرسة, خصوصا الفتيات , حيث أن هناك تلاميذ يقطعون مسافة كبيرة يوميا من أجل التعلم ,واستفادة جميع التلاميذ من الحملات الطبية والتي تنظم في إطار الحماية من الإصابة من بعض الأمراض الخطيرة و المعدية ,مع ضرورة توفر المدرسة على مكتبة كبيرة لتشجيع القراءة الحرة و المداومة عليها وساعات الدعم للتلاميذ الذين يجدون صعوبات في التعلم, وتفعيل الأندية التربوية من خلال أنشطة فعلية يختارها التلاميذ  ويشرفون عليها بأنفسهم من أجل ضمان مشاركتهم فيها ,و السهر على تنظيم رحلات استكشافية للمناطق خضراء ومؤسسات أخرى لها علاقة بمحتوى البرامج التعليمية كالجماعات المحلية لتعرف تلاميذ القسم السادس مثلا, على جناح الحالة المدنية لما له علاقة بدروس التربية على المواطنة  لتشجيع حب التواصل والإدماج  والاكتشاف و الحيوية و النشاط . 
وباعتمادنا كل هذه الإجراءات في ظل مناخ أخوي تربوي خلاق و متلاحم بين مختلف الإطراف المتدخلة في الحقل التربوية نكون قد رسمنا مستقبلا ناجحا لأبنائنا و نحن مطمئنون من مدى قدرتهم على مواصلة التعلم وعلى الاندماج في محيطهم و العمل فيه ,متغلبون على كل الصعاب و المشاكل التي يمكن أن تعرقل مسيرتهم قادرون على مواصلة الإصلاح  بتبوئهم المكانة المرموقة واعتماد آليات ميسرة لا منفرة.
المراجع :
1.الكتاب الأبيض
2.الميثاق الوطني للتربية والتكوين
3.المخطط الإستعجالي

* الأستاذ الصادقي العماري الصديق
تخصص علم الإجتماع والأنثروبولوجيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق