الثلاثاء، 2 دجنبر 2014

حكم قاس على المعارضة

البرلمانالبرلمان
وأخيرا هناك أخبار سارة لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي تعرض حديثا لانتقادات شديدة من قبل النقابات على مشروع إصلاح صناديق التقاعد، كما تعرض لوابل من النقد في البرلمان من قبل المعارضة بمناسبة تقديم مشروع القانون المالي، علاوة على الزيادات في المحروقات بعد رفع جزء كبير من الدعم عنها. 
ماذا يقول رجل الشارع عن الحكومة ورئيسها والمعارضة وزعمائها والوضع الاقتصادي وأرقامه، والأولويات التي يعتقد الناس أنها تهمهم في هذه المرحلة؟
كل هذه الأسئلة وغيرها حمل الأجوبة عنها استطلاع رأي جديد، خرج أول أمس من مقر أسبوعية «تل كيل»، التي اكتوت قبل ثلاث سنوات بنار الغضب على استطلاع رأي كان جريئا في استفتاء المغاربة بشأن أداء المؤسسة الأولى في البلاد.
استطلاع الرأي هذا أنجزته (المؤسسة الملكية) مؤسسة TNS على عينة من 1000 مغربي يمثلون جل المناطق، فماذا قالوا؟
٪49 قالوا إنهم راضون أو راضون جداً عن الأداء الحكومي الحالي، فيما عبر ٪18 عن عدم رضاهم عن أداء حكومة بنكيران، بينما قال 20 ٪ إنهم في منطقة وسطى بين الرضا وعدم الرضا، وامتنع 12 ٪ عن الجواب. هذا معناه أن شعبية الحكومة بعد ثلاث سنوات مازالت مرتفعة (49 ٪ راضون و20 ٪ لا هم راضون كليا ولا ساخطون كليا، أي نص نص)، وهذا معناه، ثانيا، أن المعارضة لا تقوم بعملها كما يجب، وأن الناس لا يرون منها ولا يسمعون بدائل جديدة ومعقولة عن تلك البرامج التي تطبقها الحكومة، رغم أن هذه الأخيرة ليست برامج شعبية، وليس فيها مجهود كبير في الإبداع والابتكار…
ماذا يقول الناس عن بنكيران، رئيس الحكومة الأكثر إثارة للجدل في كل تاريخ المغرب؟ هل هم راضون عن عمله وخطابه ومنهجه وأسلوبه في الحكم؟ ٪49 قالوا إنهم راضون أو راضون جداً عن زعيم العدالة والتنمية. ٪19 قالوا إنهم غاضبون منه. ولم يعبر الباقون عن رأي، ما يعني أن الكتلة الأكبر في جيب بنكيران (٪49)، وعينه مازالت على ٪32 الأخرى التي مازالت عائمة ولم تشكل رأيا بعد…
إذا انتقلنا من سؤال: هل أنت راضٍ عن عمل بنكيران؟ إلى سؤال: هل تثق في شخص رئيس الحكومة؟ ماذا نجد؟ نجد أن النسبة ترتفع، وأن ٪54 قالوا إنهم يثقون أو يثقون جداً فيه، وأن ٪24 فقط هم الذين قالوا إنهم لا يثقون في بنكيران، فيما امتنع ٪23 عن إعطاء جواب محدد عن هذا السؤال، أي أنهم إما لا رأي لهم أو لم يشكلوا رأيا بعد، أو لا يحبون الإفصاح عما في عقولهم. وفي كل الأحوال، هذا يكشف إلى أي حد استطاع بنكيران، بأسلوب تواصله القريب من الشعب وطريقة كلامه ونوع القرارات التي يتخذها، أن يحافظ على نسبة شعبية كبيرة، وأن يصل إلى الناس بطريقة لم يتمكن اليوسفي ولا جطو ولا عباس الفاسي منها، مع الانتباه إلى تغير الظروف والأحوال والسياقات. 
كيف ينظر المستجوبون في استطلاع الرأي إلى المعارضة؟
٪29 قالوا إن أحزاب المعارضة لن تفعل أفضل مما تفعله أحزاب الحكومة اليوم لو وصلت إلى السلطة، ونسبة ٪29 أخرى قالت إن أحزاب المعارضة ستفعل أفضل مما تفعله الحكومة اليوم لو وصلت إلى الحكم، فيما امتنعت نسبة ٪42، وهي الكتلة الأكبر، عن الجواب عن هذا السؤال، وهذا أمر يستحق الانتباه إليه، وتحليله وتأويل دلالاته. شخصيا، أرى أن هذا الأمر مقلق للمعارضة، فأن يكون ٪42 من الرأي العام المفترض غير متوفر على حكم واضح على عمل المعارضة وخطابها وبدائلها، كما فعل مع الحكومة، فهذا معناه أن للمعارضة صورة ضبابية لدى الرأي العام، سواء الذين يؤيدون الحكومة أو الذين لا يرون أنفسهم في خانة المؤيدين للحكومة.
الوضع الاقتصادي الذي يظن (الكثيرون) أنه سيئ إلى سيئ جداً لا يراه المستجوبون كذلك، فقد اعتبر ٪60 أن الوضع الاقتصادي جيد إلى جيد جداً، فيما قال ٪13 إن الوضعية سيئة، و٪20 قالوا إن الوضعية سيئة جداً، أما ٪57 من العينة المستجوبة فقالوا إنهم يتوقعون أن تكون السنة المقبلة أفضل من هذه السنة، أما الأولويات أو الانشغالات التي تؤرق المغاربة فهي بالترتيب كما يلي: البطالة، الفساد، التلوث، الأسعار، الأمن، التعليم، الصحة، ثم يأتي التقاعد الذي نظمت النقابات من أجله إضرابا وطنيا عاما يظهر أنه في هذا الاستطلاع لا يتمتع برأس أولويات الرأي العام، أو أن هذا الرأي العام مقتنع بضرورة إصلاحه رغم التكلفة التي سيقدمها…
ماذا يعني كل هذا؟
أمام حكومة بنكيران فرصة كبيرة لإنجاز المزيد من الإصلاحات الكبيرة في البلاد، والناس رغم أنهم اكتووا في جيوبهم بقرارات الحكومة، فإنهم صابرون، ولهم أمل في أن يقودهم بنكيران إلى أوضاع أفضل، خاصة في المجال الاجتماعي. ثانيا، استطلاع الرأي هذا يكشف حقيقة (ولو أنها نسبية) أن البلاد فيها حكومة وليست فيها معارضة، وأن الاتحاد والاستقلال والبام والاتحاد الدستوري يعانون كثيرا لإيجاد سلاح فعال لمحاربة الحكومة. ثالثا، الشعبية الكبيرة لبنكيران وحكومته سترفع كثيرا حرارة الانتخابات المقبلة، وقد لا تخدم هذه الحرارة الأجندة الديمقراطية، للأسف الشديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق